{وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}[الغاشية:١٤] أكواب، وأباريق، وأوانٍ من فضة وذهب يشربون فيها من ماء غير آسن، ومن لبن لم يتغير طعمه، ومن خمر لذة للشاربين، ومن عسل مصفى، {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا}[الإنسان:١٥ - ١٨]، هذا حالهم.
{وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}[الغاشية:١٤] أي: قريبة في متناول أيديهم، {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ}[الغاشية:١٥] النمارق: جمع نمرقة، وهي: الوسائد والمرافق التي يتكئون عليها مرصوصة بنظام تسعه وتسع زواره، وإخوانه ومن يأتونه.
{وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}[الغاشية:١٦] الزرابي: جمع زربية، وهي البسط الفاخرة، ولم يقل: وزرابي مصفوفة، وإنما قال:{وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}، كما قال هنالك في حال خدم أهل الجنة:{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا}[الإنسان:١٩] فقالوا: إن اللؤلؤ المنثور أجمل من اللؤلؤ المنضود، وكذلك هذه الزرابي فإن جمالها في أنها مبثوثة، قد ألقيت هنا وهناك بسط فاخرة ثمينة، ففي سنن ابن ماجة عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (ألا من مشمر إلى الجنة، هي والذي نفسي بيده نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، وفاكهة كثيرة، وثمرة نضيدة، وزوجة حسناء جميلة في مقام أبداً، قال الصحابة: نحن المشمرون يا رسول الله، قال: قولوا: إن شاء الله، فقال الصحابة: إن شاء الله)، فهذا وصف الجنة.
ولما سمع الكفار هذا الكلام استهزءوا وسخروا وقالوا: يعدنا محمد بجنان كجنان الأردن، ويتوعدنا محمد بشجر ينبت في النار:{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ}[الدخان:٤٣ - ٤٦].
وفي الآية الأخرى:{أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ}[الصافات:٦٢ - ٦٤]، قالوا: يعدنا بشجرة تخرج في النار، والنار تأكل الشجر! إن هذا كلام لا أصل له.