ومن شروط صحة الجمعة: خطبتان قبل الصلاة، مما يطلق عليه اسم خطبة عند العرب، فتؤديان في الوقت المحدد للجمعة، ويقوم فيهن الإمام لحديث ابن عمر:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً ثم يجلس، ثم يقوم كما تفعلون اليوم)، والمالكية يقولون: الخطبتان لابد منهما، وما اشترطوا في هاتين الخطبتين شروطاً من جنس ما قاله غيرهم، فإن غير المالكية يقولون: لابد أن تشتمل الخطبة على خمسة أركان: أولها: الحمد، سواء كان بصيغة الفعل، كأن يقف الإمام فيقول: أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، أو بصيغة الاسم الحمد لله نحمده ونستعينه مثلاً، ويستدلون على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(كل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع أو أبتر)، والحديث فيه كلام.
الركن الثاني: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستدلون على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخطب خطبة إلا حمد الله وأثنى عليه، وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم.
لكن تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب.
الركن الثالث في الخطبة: قراءة آية، فلابد أن تشتمل الخطبة على آية، كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ}[النساء:١]، أو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران:١٠٢] أو أي آية من القرآن بشرط أن يتم بها المعنى، فلو قرأ شخص آية:{ثُمَّ نَظَرَ}[المدثر:٢١]، فهذه آية في سورة المدثر لكن من الذي نظر؟ ولأي شيء نظر؟ لم نعرفه، وكذلك لو قرأ:{مُدْهَامَّتَانِ}[الرحمن:٦٤] فإنا نعرف معناها من لغة العرب، أي: شديدتا الثواب، لكن عن أي شيء يتكلم؟! لكن مثلاً: لو قرأ آية يتم بها المعنى من جنس ما ذكرت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران:١٠٢]، فهذه فهم بها المعنى.
الركن الرابع: الوصية بتقوى الله، كأن يقول: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، أو {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ}[النساء:١] ونحو ذلك.
أو اتقوا الله يا عباد الله! فالمهم أن تشتمل الخطبة على الأمر بتقوى الله.
الركن الخامس: الدعاء.
والمالكية لا يشترطون هذا، وإنما يشترطون خطبتين على كل منهما تطلق كلمة خطبة، أو لفظ خطبة في لغة العرب، وهي بالضم؛ للتفرقة بينها وبين الخِطبة، فالخِطبة غيرُ الخُطبة.