[تفسير قوله تعالى (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)]
قال الله عز وجل:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون:٤ - ٥] الويل: عذاب، أو هلاك، أو واد في جهنم.
وقوله تعالى:{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون:٥] قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: قلت لـ سعد: أهو الذي يسهو في صلاته؟ قال: لا، بل الذي يسهو عنها.
وقال عطاء بن أبي رباح رحمه الله: الحمد لله الذي قال: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}، ولم يقل: الذين هم في صلاتهم ساهون؛ لأنه لا يسلم أحد من أن يسهو في صلاته حتى النبي الأكرم والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم فإنه قام من اثنتين وسلم من اثنتين وقام إلى خامسة، وقال:(إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني).
وهذه الآية تنطبق على المنافقين، فإذا كان أحدهم بين الناس فإنه يصلي؛ لئلا يقال عنه: أنه تارك الصلاة، وإذا كان وحده فإنه لا يركع لله أبداً؛ لأنه لا يرجو على فعلها ثواباً، ولا يخاف من تركها عقاباً، فهذا الإنسان ساه عن صلاته، إما أن يضيعها حتى يخرج وقتها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:(تلك صلاة المنافق ينتظر حتى إذا كانت الشمس بين قرني شيطان، قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً).
أو أنه ساه عن صلاته بحيث إنه لا يحصل شروطها، كما يذكر عن بعض المنافقين أنهم كانوا يصلون بغير وضوء، وقد أفتى بعض أهل العلم بكفر من فعل ذلك؛ لأن هذا مستخف بالله عز وجل؛ أو لأنه لا يتم أركانها على الوجه المشروع، ولا يحقق الطمأنينة فيها، فهؤلاء جميعاً توعدهم الله بالويل، وعندنا في القرآن قول ربنا الرحمن:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}[مريم:٥٩ - ٦٠].