[الفتح على غير الإمام]
الأمر الثالث عشر: الفتح على غير إمامه، فإذا كان الإمام يقرأ وارتج عليه، وبعض الناس فتح عليه فهذا لا مانع منه، لكن الفتح له آداب، فمثلاً: تجد في صلاة التراويح أن الإمام لو تنحنح أو أراد أن يأخذ نفساً أو بعض الأئمة الموفقين ربما يغلبه البكاء فتجد بعض الناس من خلفه معه مصحف فيباشر بالرد سريعاًً، فمثلاً: لو أن الإمام وقف عند قوله: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات:١]، فمباشرة يقول له: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات:٢]، ويبدأ يطارد الإمام، وكذلك لو أن الإمام سكت أو أخطأ تجد أن المسجد كله يرد عليه، وهذا لا ينبغي، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو النهى والأحلام).
فحبذا لو ترك للإمام الفرصة، بل قال بعض المالكية: نتركه إلى أن يردد الآية ثلاثاً، فإذا قرأ: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات:١].
ثم سكت، ثم قال: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات:١]، ثم سكت، ثم قال: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات:١].
ففي هذه الحالة نقول له: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات:٢] فيفتح على الإمام، لكن مطاردة الإمام هذه ليست مطلوبة.
والدليل على جواز الفتح على الإمام حديث عبد الله بن عمر: (أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى صلاة فقرأ فيها، فلبس عليه) لأنه عليه الصلاة والسلام بشر، وقد قال: (إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني)، قال: (فلبس عليه عليه الصلاة والسلام، فلما انصرف قال لـ أبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك).
يعني: فما منعك أن تفتح علي؟ أو ما منعك أن تذكرني؟ أو ما منعك أن تلقنني؟ فدل ذلك على أن المأموم يستحب له أن يفتح على الإمام.
أما مسألة الفتح على غير الإمام فإن صورتها: أن يكون رجل يصلي خلف إمام وآخر يقرأ بجانبه، فقرأ الذي بجانبه مثلاً: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة:٧]، وارتج عليه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة:٧] فأشفق عليه الذي في الصلاة فقال له: {أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة:٧]، فإنه بهذا تبطل صلاته.
والعلة: أن هذا تعليم وتعلم، فكان من جنس كلام الناس.
وأريد أن أنبه هنا على أمرين: الأمر الأول: أن الفقه يقوم على دعامتين، الدعامة الأولى: الدليل.
والدعامة الثانية: التعليم.
يعني: أن الأدلة لابد أن تحفظ سواء كانت آية أو حديثاً والتعليم أيضاً احرص عليه، وليس بالضرورة أن تعبر بنفس الكلام الذي أملي عليك، بل يمكن أن تعبر من عندك، لكن بشرط أن يكون المعنى هو هو.
فالفتح على غير الإمام تبطل به الصلاة؛ لأنه لا يعد صلاة، وإنما يعد درساً.