الشرط الثاني: الإمام الحر المقيم، لأن الجماعة لابد لها من إمام، فلا تصح هذه الإمامة من عبد، ولا من مسافر إلا الخليفة أو نائبه، والمالكية عندهم بأن الجمعة ليست واجبة على العبد، وليست واجبة على المسافر، معنى ذلك: أن العبد والمسافر لو صليا فجزاهما الله خيراً لكنها ليست واجبة عليهم، وبالتالي تكون في حقهم نفلاً، وقد مضى معنا أن من أصول المالكية: أن المتنفل لا يؤمه المفترض؛ لذلك قالوا: إذا كان مسافراً فصلى الجمعة أجزأته، ولو كان مثلاً عبداً فصلى الجمعة أجزأته، ولو كانت امرأة فصلت الجمعة أجزأتها، لكن لا يصلي بالناس المسافر ولا العبد، فلا يكونا إمامين للناس بناءً على الأصل الذي مضى.
واستثنوا من ذلك الخليفة أو نائبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ولا يؤمن الرجل الرجلَ في سلطانه) فلو أن الخليفة مر بهذه البلاد فهذه البلاد سلطانه فلا يتقدم أحد عليه إلا بإذنه ولو كان مسافراًً، بل هو الذي يصلي بالناس.
وبداية هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا سواء فأقدمهم سناً، أو سلماً، قال: ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه).
فالجماعة شرط، والإمام الحر المقيم شرط، والصحيح أيها الإخوة الكرام! ما مضى بيانه؛ لأنه يجوز أن يؤم العبد الحر من غير كراهة؛ لأن سالماً مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما كان يصلي بكبار المهاجرين في قباء، وفيهم عمر، وأبو سلمة وكذلك فللمسافر أن يؤم المقيم كما ثبت أن سيدنا عمر رضي الله عنه ومن قبله رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون بأهل مكة ويقولون لهم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر، ولا فرق بين الجمعة وغيرها، فيصح إن شاء الله أن يصلي المسافر بالناس الجمعة، وهذا يحصل الآن كثيراً، فقد يمر داعية أو عالم من العلماء ببلد من البلاد فيقول له أهلها: صل بنا الجمعة، فبناءً على كلام المالكية رحمهم الله هذه الجمعة لا تصح؛ لأن هذا مسافر، والجمعة في حقه ليست واجبة.