قال الله:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:١].
(تبت): من التباب، والتتبيب: هو الخسار والهلاك، كما قال الله عز وجل:{وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ}[غافر:٣٧]، وكما قال الله عز وجل:{وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ}[هود:١٠١]، أي: خسار وهلاك.
فمعنى:(تبت): خسرت وهلكت يداه، وأبو لهب كله خاسر هالك، لكن الله عز وجل خص يديه بالذكر؛ لأن اكتساب الأعمال في الغالب يكون بهما، فهو من إطلاق الجزء وإرادة الكل.
وقال بعض أهل التفسير: إن الله عز وجل ذكر يديه الخبيثتين لأنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: تباً لك سائر اليوم، ما اكتفى بالكلمة القبيحة وإنما أخذ حجراً يريد أن يرمي به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم الله عز وجل عليه بالخسار.
وتبت الأولى في قوله:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}، دعاء وتب في آخر الآية: خبر، فكأن الله دعا عليه بالهلاك والخسار، ثم قال: وقد هلك وخسر.
أما أبو لهب فهو عبد العزى بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت كنيته أبو عتبة، وكني بـ أبي لهب إما لحسنه وإشراقه كما يقولون، فقد كان حسن الوجه وضيئاً، أو أن الله عز وجل كناه، كما يقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: كناه الله بهذه الكنية من باب الدلالة على أنه ملتجئ إلى جهنم، فهو جهنمي، واسمه له نصيب من مصيره.
وقال أهل التفسير: كان النبي صلى الله عليه وسلم له أربعة أعمام: اثنان مسلمان واثنان كافران، أما المسلمان فـ حمزة والعباس، وأما الكافران فـ أبو لهب وأبو طالب، وكلاهما على غير أسماء المسلمين، أما أبو لهب فكان اسمه عبد العزى وأما أبو طالب فكان اسمه عبد مناف.