أيها الإخوة الكرام! المتأمل في حياة الناس والذي يتتبع مشكلاتهم يجد أن أغلبها مبدأه من النميمة؛ ولذلك كان عباد الله الصالحون، أئمة العدل وأهل التقى والهدى والنور؛ أشد الناس حذراً من النميمة والنمامين.
جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له: إن فلاناً قال عنك كذا، وعلي ممن نوّر الله قلبه، وكان محباً لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكان يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال له علي رضي الله عنه: يا هذا! إن كنت صادقاً مقتناك - أي: كرهناك وأبغضناك -، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، قال: بل أقلني يا أمير المؤمنين.
فـ علي رضي الله عنه قال له: سنفتش عما قلت، فإن كنت صادقاً كرهناك؛ لأنك نمام، وإن كنت كاذباً عاقبناك، فلابد من تعزيرك بكذبك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك، قال: أقلني يا أمير المؤمنين ولا أعود أبداً.
وكذلك الإمام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما نقل إليه بعض الناس كلاماً قال له عمر: يا هذا! إن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}[القلم:١١]، وإن كنت كاذباً فأنت من أهل تلك الآية:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات:٦]، وإن شئت أقلناك ولا تعد، قال: لا أعود.
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! إيّاك وقاتل الثلاثة، قال: ويلك من قاتل الثلاثة؟! قال: الذي ينقل للإمام حديث غيره فيقتله الإمام، (يقتل المنقول عنه) فيكون ذلك الرجل قتل صاحبه ونفسه والإمام، قتل صاحبه بالوشاية، وقتل نفسه؛ لأنه هلك عند الله عز وجل، وكان سبباً في هلاك ذلك الإمام الذي قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض.