قال الله:{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى}[الأعلى:١٨]، الإشارة هنا لقوله تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى:١٤] وهذا مذكور في قوله: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ}[الشعراء:١٩٦]{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}[الشورى:١٣].
{صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى:١٩]، سأل أبو ذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما كانت صحف إبراهيم؟ قال عليه الصلاة والسلام:(كانت أمثالاً)، ومن بين أمثاله التي وردت وحكاها رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ينبغي للعاقل أن تكون له ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو بحاجته من المطعم والمشرب، وينبغي للعاقل ألا يكون ظاعناً إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش، أو لذة في غير محرم).
فالإنسان إما أن يسعى للآخرة، أو للدنيا، أو يتلذذ بغير محرم.
وينبغي للعاقل أن يكون مقبلاً على شانه، ممسكاً للسانه، ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا في ما يعني، قال أبو ذر: يا رسول الله! فما كانت صحف موسى؟ قال:(كانت عبراً كلها، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟! وعجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟! وعجبت لمن أيقن بالحساب كيف لا يعمل؟! وعجبت لمن أيقن بالدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟!) إنسان رأى الدنيا، ورأى تقلبها بأهلها، الصحيح يسقم، والغني يفتقر، والقوي يضعف، كيف يطمئن إلى هذه الدنيا ويخلد إليها؟! ومن السنة: قراءة سورة الأعلى مع سورة الكافرون في صلاة الوتر، ومن السنة: قراءة سورة الأعلى والغاشية في صلاة الجمعة، ومن السنة: قراءتهما في صلاة العيد.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المرتفعين المعتدلين المتعظين.