يذكرنا ربنا جل جلاله أننا لا ننفق من أملاكنا وأموالنا، وإنما مما أفاء الله علينا، ومما أنعم به علينا، فيقول:((أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ))، كما قال في آية أخرى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}[الحديد:٧]، فكأن الله يقول: أنفقوا مما رزقناكم في حياتكم الدنيا ولا تنتظروا الموت، حتى إذا أتى الموت قال الواحد منكم: هكذا وهكذا ولفلان كذا، ولفلان كذا، وإنما لينفق الواحد منكم وهو صحيح شحيح يخشى الفقر ويأمل الغنى.
قال تعالى:((أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ))، وهو يوم القيامة، فهناك لا يستطيع إنسان أن يفدي نفسه ولو بذل ملء الأرض ذهباً، كما قال الله عز وجل:{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧]، فالكفار في ذلك اليوم يريدون أن يفدوا أنفسهم بكل شيء لكن لا يستطيعون، فإن ذلك اليوم لا بيع فيه؛ لأن الناس سيبعثون حفاة عراة غرلاً، كما قال تعالى:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ}[الأنبياء:١٠٤].