والجمعة فرض على المكلف لا على الصغير، ولا على المجنون، لكن الصغير يؤمر بها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:(مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر)، وفرضيتها: إنما هي على المكلف الذكر، فخرج بذلك الأنثى والخنثى، فالأنثى معروفة، والخنثى: هو الذي اشتبهت ذكوريته بأنوثيته ولم تتبين حقيقته، والدليل على عدم وجوب صلاة الجمعة على الأنثى حديث طارق بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة العبد المملوك والمرأة والصبي والمريض)، فعد النبي صلى الله عليه وسلم المرأة ممن لا تجب عليهم الجمعة، وهذا الحديث رواه الإمام أبو داود والطبراني في الكبير والبيهقي، وطارق بن شهاب رضي الله عنه من صغار الصحابة، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه فهو صحابي؛ لأن الصحابي: هو من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً ومات على إسلامه، وليس المقصود بالرؤية الرؤية البصرية فقط، بل الرؤية البصرية والرؤية القلبية؛ لكي يدخل فيه من كان أعمى كـ عبد الله بن أم مكتوم الصحابي الجليل، ويدخل في هذا التعريف ممن غزا معه ومن لم يغز ممن طالت صحبته، وكذلك من صافحه ولامسه صلوات ربي وسلامه عليه ومن رآه ولو من بعيد.
فالجمعة واجبة على المكلف الذكر الحر وحديث طارق بن شهاب استثنى النبي صلى الله عليه وسلم فيه العبد المملوك؛ لأنه مشغول بحق سيده، وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فبعض العلماء يرى دخول العبد في عموم قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩]، وبعضهم يخصص هذه الآية بهذا الحديث، وبعضهم يتوسط ويقول: إن أذن له سيده فقد وجبت عليه، وإن لم يأذن فلا تجب عليه.