الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.
أما بعد.
فقد انتهينا مما يتعلق بالمبطلات والمكروهات، وبأحكام الجمعة والجماعة، وأحكام صلاة السفر وصلاة العيدين.
وسوف نذكر هنا بعض أخطاء المصلين، وليس معنى ذلك حصر جميع الأخطاء، وإنما هو التمثيل والتنبيه على بعضها.
وأخطاء المصلين تبدأ من الطهارة، فهناك أخطاء في الطهارة يقع فيها الناس، فبعضهم لا يحسن الوضوء، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(ويل للأعقاب من النار)، فبعض الناس إذا توضأ فإنه أول ما يبدأ يتلفظ بالنية، ويقول: نويت أن أتوضأ، ثم بعد ذلك يستغرق وضوءه من الزمان شيئاً كبيراً، فيدلك يديه دلكاً ويفركها فركاً، ويدعو عند غسل كل عضو بدعاء اخترعه من عنده، فإذا غسل وجهه قال: اللهم بيض وجهي يوم تبيض الوجوه، وإذا غسل يده قال: اللهم أعطني كتابي بيميني، وإذا مسح رأسه قال: اللهم حرم شعري على النار، وإذا غسل رجله قال: اللهم سدد قدمي على الصراط، وبعض الناس قد سئل لم لا تصلي؟ قال: لأني لست حافظاً لأدعية الوضوء.
إن الوضوء ليس له أدعية، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بدأ بالوضوء سم الله عز وجل قائلاً: باسم الله، ولا يقول: نويت أن أتوضأ، وإذا اختتم رفع طرفه إلى السماء وقال:(أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)، فهذه هي سنته عليه الصلاة والسلام، لكن قد فرعوا على ذلك تفريعات، فبعضهم إذا توضأ يصب الماء على جبهته حتى يتساقط إلى أسفل وجهه، وبعضهم إذا توضأ لطم وجهه، والبعض ربما استهلك من الماء دلوين أو ثلاثة، وبعضهم إذا توضأ زاد على الثلاث، إلى غير ذلك من الأخطاء العظيمة التي يقع فيها الناس.
وداء العصر هو الوسواس، فأكثر الناس يشكوا منه، والسبب قلة العلم، فلو تعلم الإنسان وتفقه فإنه لن يعاني من الوسواس.