للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مفردات الآية]

(يا أيها) يا: حرف نداء، وأي منادى، وها: حرف تنبيه.

(لا تقولوا) أي: للنبي صلى الله عليه وسلم، راعنا: أمر من المراعاة، وكان المسلمون يقولون له ذلك وهي بلغة اليهود سب من الرعونة، فسروا بذلك وخاطبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم يعنون بها الرعن وهو الحمق والهوج.

روي أن سعد بن معاذ رضي الله عنه (سمعها منهم فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه، قالوا: أولستم تقولونها؟ فنزلت الآية، ونهي المؤمنون عنها).

إن استخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود لعنهم الله يدل على مدى غيظهم وحقدهم كما يدل على سوء أدبهم وخفة وسيلتهم وانحطاط سلوكهم، ولا غرابة، فقد فعلوا ذلك مع الأنبياء قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [الأحزاب:٦٩]، وقال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف:٦]، فهذه هي طبيعة اليهود مع سائر الأنبياء.

((وَقُولُوا -أي: بدلاً منها- انظُرْنَا)) أي: انظر إلينا وأقبل علينا وتأن معنا، من النظر والانتظار، (واسمعوا) أي: ما تؤمرون به سماع قبول وانقياد، لا سماع رد وعصيان، كما قالت اليهود: سمعنا وعصينا.

قال أهل التفسير: حذف المسموع ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن وسماع السنة التي هي الحكمة لفظاً ومعنىً واستجابة، ففيه الأدب والطاعة، وأحسنوا سماع ما يكلمكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلقي عليكم من المسائل، بآذان واعية، وأذهان حاضرة، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة وطلب المراعاة، (وللكافرين) أي: لليهود الذين سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذاب أليم.