قال تعالى:{إِلَهِ النَّاسِ}[الناس:٣] أي: معبودهم جل جلاله، وإله بمعنى: مألوه، أي: أنه المعبود المطاع سبحانه وتعالى.
قال ابن كثير رحمه الله: وهذه الصفات الثلاث فيها تدرج، فإن الله عز وجل قال:(رب الناس) وهذا يقر به الجميع، حتى مشركو العرب كانوا يقرون بأن الله ربهم وخالقهم ورازقهم.
ثم ترقى إلى أنه ملك الناس جل جلاله، المتصرف فيهم، ثم نتيجة الربوبية والملك أنه سبحانه ينبغي أن يكون هو المألوه، المعبود وحده، فلا يعبد معه غيره.
ويقول صاحب أضواء البيان رحمه الله: بين هذه السورة وسورة الفاتحة رباط بديع؛ فإن في سورة الفاتحة هذه الصفات الثلاثة، ففي مقابل قوله سبحانه:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}[الناس:١] قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢].
وفي مقابل قوله سبحانه:{مَلِكِ النَّاسِ}[الناس:٢] قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:٤] وهو مالك الأيام كلها.
وفي مقابل قوله سبحانه:{إِلَهِ النَّاسِ}[الناس:٣] قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:٢].
قال: فتكون الخاتمة كالبداية من باب عود على بدء، وكأن أول المصحف وآخره موضوعهما واحد، {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}[النساء:٨٢].