ثانياً: أن يتساوي المأموم والإمام في عين الصلاة وصفتها، فلا تصح صلاة من يصلي الظهر خلف من يصلي العصر، ولا تصح صلاة من يصلي أداءً خلف من يصلي قضاءً، ولا تصح صلاة المفترض خلف المتنفل ولا العكس لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه).
لكن أيها الإخوان هذه المسألة تحتاج إلى نقاش، فقد ثبت من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سافر سفراً إلا صلى ركعتين فلما كان في غزوة الفتح مكث ثمانية عشر يوماً يصلي بالناس ركعتين إلا المغرب، وكان إذا قضى صلاته قال: يا أهل مكة! أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر، أي: جمع مسافر) رواه أحمد، وكذلك كان يفعل عمر حين يقدم مكة رواه مالك في الموطأ.
وثبت أن معاذاً كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة متفق عليه.
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان في صلاة الخوف يصلي بكل طائفة ركعتين.
وروت عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يعود من المسجد فيؤم أهله، فلو طبقت هذه السنة، بأن يصلي المسلم صلاة العشاء في المسجد ثم يرجع إلى أهله فيصلي بهم كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك الحديث السابق الذي ذكرناه عن إمامة الفاسق، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إنه سيكون أئمة يميتون الصلاة ميتة الأبدان، ويؤخرونها عن وقتها، قالوا: فما تأمرنا يارسول الله؟ قال: صلوا الصلاة لوقتها ثم صلوا مع القوم فإنها لكم نافلة) فأباح النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي المصلي بنية النافلة خلف من يصلي مفترضاً، فهذا دليل على اختلاف عين الصلاة.
كذلك النبي صلى الله عليه وسلم أباح صلاة المسافر خلف المقيم والمقيم خلف المسافر، فقد اختلفت صفة الصلاة، ويأمر أهل مكة من ورائه أن يصلوها أربعاً.
وثبت أن معاذاً رضي الله عنه كان يصلي بالناس نافلة وهم يصلون فريضة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي الفريضة ثم يرجع فيصلي بأهله، أي: بنسائه عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه لا يشترط أن تتحد صلاة المأموم والإمام في عين الصلاة أو صفتها.
أما قوله صلى الله عليه وسلم:(إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) يفسرها قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد) يعني: لا تسابقوه ولا تماثلوه.