هذه الآية من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، ونزلت بعد أن اجتمع عليه زوجاته يطالبنه بالنفقة، وذلك أن الحياة كانت صعبة، حيث كان يمر الهلال والهلال والهلال وما يوقد في بيته صلى الله عليه وسلم نار، وما لهم من طعام إلا الأسودان، فاجتمعن عليه يطالبنه بالنفقة، فأنزل الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:٢٨] فالمرأة التي تحب الذهب والفضة والبحبوحة وتكتفي بذلك مستغنية به عما عند الله تعالى لا تصلح زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، والتي تريد أن تصبر على شظف العيش أعد الله عز وجل لها أجراً كريماً في الآخرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بـ عائشة فقال لها:(يا عائشة! إني سأعرض عليك أمراً، ولا تعجلي حتى تستأمري أبويك)، وذلك أنه رأى أن عائشة صغيرة يمكن أن تستعجل، فقال لها: استشيري أبويك، وتلا عليها الآيات، فكانت رضي الله عنها كبيرة، فقالت: يا رسول الله! فيك أستأمر أبوي؟! -أي: أذهب إليهما أشاورهما بأن أبقى معك أو أطلق؟! - بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة! أي: أصبر على شظف العيش.
ثم قالت له: يا رسول الله! هل تخير الأخريات؟ فقال:(بل سأخيرهن، فقالت: فلا تخبرهن بما اخترته).
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: والله لأخبرهن، وجميعهن اخترنه صلى الله عليه وسلم، فمن باب المكافئة وتعجيل الثواب لهن قال الله عز وجل له:((لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ)) يعني: لا تتزوج ((وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ)) تقول: أطلق واحدة وآتي بواحدة مكانها.