أولاً: ترك فرض من فرائضها، وكلمة الفرض وكلمة الركن وكلمة الواجب عند جمهور العلماء معناها واحد؛ اللهم إلا في الحج فإنهم فرقوا بين الركن والواجب، أو بين الركن والفرض، فمثلاً: يقولون: الأركان في الحج أربعة: الإحرام، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة، ثم بعد ذلك يعددون الواجبات: الإحرام من الميقات، والمبيت بمزدلفة، والمقام بعرفة إلى أن يجمع بين الليل والنهار، ورمي الجمار في أيام التشريق، والمبيت بمنى، وطواف الوداع، وما إلى ذلك.
أما في الصلاة في الصيام في الزكاة فإن الركن والفرض والواجب بمعنى واحد.
والحنفية وحدهم هم الذين يفرقون بين الفرض والواجب، فحين نقول: تبطل الصلاة بترك فرض من فرائضها فالمقصود: بترك ركن من أركانها، سواء كان هذا الركن قولياً كقراءة الفاتحة، أو كان هذا الركن فعلياً كالركوع أو السجود.
فإن قيل: ما الدليل على أن الصلاة تبطل بترك ركن من أركانها؟ قلنا: حديث أبي هريرة رضي الله عنه -وهو في الصحيحين- في قصة الرجل الذي أساء الصلاة وفيه:(أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه، وصلى صلاة سريعة، ثم جاء فسلم -وقال: السلام عليك يا رسول الله! قال: عليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فذهب الرجل فأعادها على تلك الهيئة، ثم جاء فسلم، فقال: عليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فذهب وأعادها ثالثة، ثم جاء فسلم، فقال: وعليك السلام، ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غيرها فعلمني فداك أبي وأمي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، وكبر، واقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تطمئن قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً وافعل ذلك في صلاتك كلها).
وجه الدلالة من الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم ببطلان صلاة ذلك الرجل؛ لفقد ركن واحد من أركانها، وهو الطمأنينة؛ فقد أتى بكل أركانها، لكنه لما لم يطمئن قال النبي عليه الصلاة والسلام:(فإنك لم تصل)، فدل ذلك على أن ترك ركن من أركان الصلاة يجعلها باطلة، فإن تركها عمداً فقد بطلت، وإن تركها سهواً ولم يتدارك وطال الفصل فقد بطلت كذلك.
وأركان الصلاة هي: النية المعينة، وتكبيرة الإحرام، والقيام لها، وقراءة الفاتحة والقيام لها، والركوع والرفع منه، والسجود، والرفع منه، والطمأنينة، والاعتدال، والترتيب، والسلام المعرف بالألف واللام.