الآية الرابعة والستون بعد المائة من سورة البقرة: قول الله عز وجل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة:١٦٤].
سبب نزول هذه الآية أنه لما نزل قول الله عز وجل:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة:١٦٣] تعجب المشركون وقالوا: كيف يسع العالم إله واحد؟! وقد حكى ربنا عنهم أنهم قالوا:{أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص:٥]، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وهناك سبب آخر، وهو أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فأتنا بآية، وادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً -أي: جبل الصفا- نتقوى به على عدونا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية يخبرهم فيها أنهم لا يحتاجون إلى هذا الدليل، وهو جعل الصفا ذهباً، فهناك آيات أعظم وأجل، وهي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا.
فهذه آيات عظيمة، كما قال سبحانه:{لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:٥٧].