والأعذار التي يترك لأجلها الجمعة والجماعة أولها: المطر: وهو الذي يحمل أوساط الناس، أي: من كانوا أوسط الناس عقولاً وحالاً على تغطية الرأس، أي: أناس معتدلون، فتسقط الأمطار فيغطون رءوسهم، فمثل هذا العذر يبيح ترك الجماعة، والأصل في ذلك: ما رواه الشيخان: أن ابن عباس رضي الله عنهما، قال لمؤذنه في يوم مطر: إذا قلت: أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل: حي على الصلاة، وإنما قل: صلوا في بيوتكم.
فتعجب الناس من مؤذن يرفع الأذان، قال: أشهد أن لا إله الله، مرتين، ثم قال: أشهد أن محمداً رسول الله، مرتين، وبعدها بدلاً من أن يقول: حي على الصلاة، قال: صلوا في بيوتكم، واستنكر الناس ذلك، فقال رضي الله عنه: أتعجبون من هذا؟! قد فعل ذلك من هو خير مني، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الجمعة عزمة، أي: فريضة، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض، والأرض الدحض هي: غير الثابتة.
وكثير من الناس الآن إذا فعل سنة فاستنكر الناس، فإنه يغضب، ويقول: بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، ما أجهل الناس بالسنة، ما أجرأهم على الشرع، ويبدأ يقرع الناس، أقول: هذا في زمان ابن عباس، وجهل الناس هذه السنة واستنكروها، كذلك أمنا عائشة رضي الله عنها لما مات سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أمرت أن يؤتى بجنازته إلى المسجد، فتصلي عليها وهي في الحجرة؛ لأنها لا تستطيع أن تذهب إلى المقابر، فصلت على جنازة سعد وهي في حجرتها والجنازة في المسجد، فأكثر الناس من الإنكار، فقالت أمنا رضي الله عنها: ما أسرع ما نسي الناس! والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء إلا في المسجد.
فإذا كان في الصدر الأول وعلى أيام الصحابة منْ غابت عنهم بعض السنن، فمن باب أولى الآن لَّما بَعُد عهدنا بالنبوة، وعظم في المسلمين الجهل، فإننا نصبر على الناس ولا نعنفهم.
إذاً: العذر الأول الذي تسقط به الجمعة والجماعة: المطر، فإذا كان مطراً خفيفاً فإنه لا يؤثر، ويجب عليك أن تخرج للجمعة وللجماعة.