للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى (ما أغنى عنه ماله وما كسب)]

وأبو لهب هذا كما قال المفسرون: كناه الله عز وجل بذلك لا تكريماً له، وإنما كراهية أن يذكر باسمه؛ لأن اسمه قبيح.

قال الله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد:٢].

(ما) نافية، أي: ما دفع عنه ماله التباب ولا منع عنه الهلاك، كما قال الله عز وجل: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل:١١] ويقول الواحد من أهل جهنم: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة:٢٨ - ٢٩]، وقال الله: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الجاثية:١٠].

والمراد بـ (ماله) في قوله: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد:٢] المال التالف القديم الذي ورثه عن أبيه عبد المطلب.

قوله: (وما كسب) أي: ما اكتسبه بكده وعرقه، وقيل: (وما كسب) هنا أي: الأولاد؛ لأن أبا لهب كان يسخر ويقول: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً أن هناك قيامة وناراً فإني سأفتدي من عذاب النار بمالي وولدي، قد قال الله عز وجل: {لَنْ تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة:٣] وقول الله عز وجل: (وما كسب) يمكن أن ينطبق فعلاً على الولد؛ لأن الحديث خرجه أبو داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه)، قالوا: ومما يدل على ذلك أن بني أبي لهب بعد سنين طويلة كانوا مختصمين فجاءوا إلى ابن عباس ليحكم بينهم، فاقتتلوا في أثناء عرض القضية على ابن عباس اقتتلوا، فقام ابن عباس ليحجز بينهم فدفعه أحدهم فطرحه على الفراش، فغضب ابن عباس وقال: أخرجوا عني الكسب الخبيث، هؤلاء الأولاد.