للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)]

قال الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:٤].

يذكر الإمام القرطبي رحمه الله قصة في هذا الموطن فيقول: كان هناك شخص اسمه عيسى بن موسى الهاشمي، وكان يحب زوجته حباً جماً، في أيام خلافة هارون الرشيد رحمه الله الخليفة الصالح العادل، فهذا الرجل كان يتكلم مع زوجته يؤنسها، فقال لها: أنت طالق ثلاثاً إن لم تكوني أجمل من القمر، فالمرأة كانت ورعة وصاحبة دين فاعتزلته، فوجد الرجل وجداً شديداً، وندم ندماً شديداً على ما قال، وذهب إلى هارون فقال له: أنا بالله ثم بك أوجد لي مخرجاً، ف هارون جمع الفقهاء، فكلهم أفتوا بأن المرأة قد بانت منه، غير فقيه واحد كان ساكتاً، فطلب منه الخليفة أن يتكلم فقال: يا أمير المؤمنين اقرأ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين:١] فقرأ هارون -وكان رجلاً عالماً- حتى بلغ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:٤] فقال الفقيه: حسبك، فإن الله عز وجل قد أفتى، فالإنسان أجمل من القمر، ف هارون رحمه الله قال لذلك الرجل الذي طلق زوجته ثلاثاً: قم ولا تعد لمثل ذلك، ثم أرسل الخليفة إلى زوجته أن أطيعي زوجك فأنت حلال له.

فقول الله عز وجل: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:٤] أي: في أحسن صورة وأجمل هيئة.