هذه مبطلات الصلاة عند المالكية، وهي خمسة عشر، وفي بعض كتب المالكية يفصلون أكثر، لكن مردها إلى هذه الخمسة عشر، فمثلاً: قالوا: رفض النية، أي: تركها وإبطالها، وهذا يندرج تحت تعمد ترك ركن من الأركان؛ لأن النية ركن، فلو أنه ترك النية، يعني: في أثناء الصلاة عزم على الخروج منها تبطل صلاته، وهكذا لو علق النية، فمثلاً: زيد إنسان مدين لك، وعنده مال، وقلت في نفسك: أنا جئت أتفقد زيداً فلعل زيداً إن رآني هرب، فأنا أضمرت في نفسي: إن جاء زيد وأنا في الصلاة خرجت، من أجل أن أمسك به، فهذا مندرج تحت تعمد ترك ركن من أركان الصلاة.
أيضاً ذكروا من المبطلات: تعمد زيادة تشهد بعد الركعة الأولى أو الثالثة، وهذا يدخل في تعمد زيادة ركن فعلي، والتشهد ليس ركناً، وإنما الجلوس هو الركن، فإن من أركان الصلاة السلام من جلوس، فلو سلمت في الصلاة وأنت قائم فصلاتك ليست صحيحة.
كذلك قالوا: التصويت عمداً كأن يصوت وهو في الصلاة مثل صوت الغراب، أو زجر هرة فقال: بس: م الله الرحمن الرحيم، فهذا صلاته باطلة.
كذلك ذكروا من مبطلات الصلاة: طروء ناقض للوضوء، وهذا هو الذي ذكرناه أخيراً، فإنه داخل تحت من أحدث في الصلاة.
أيضاً ذكروا من النواقض: كشف العورة المغلظة، وهذه داخلة في النواقض التي هي قبل الصلاة؛ لأنه اختل شرط من شروطها، يعني: من صلى قبل دخول الوقت نقول: صلاته باطلة، ومن صلى إلى غير القبلة فصلاته باطلة، ومن صلى دون أن يستر العورة فصلاته باطلة، ومن صلى بغير طهارة فصلاته باطلة؛ وذلك لتخلف شرط من شروط صحة الصلاة.
فهو أصلاً دخل في الصلاة دون أن يحصل شروطها.
أيضاً: طروء نجاسة على المصلي، أو علمه بها أثناء الصلاة، أو طروء شاغل عن إتمام فرض، وقد ذكرنا منه اثنين: ما يشغل عن أداء الفرض، ومثلنا له باحتباس البول، أو غثيان النفس، أو كثرة الهم، بحيث إنه لا يعقل كم صلى؟ ولا يعقل من صلاته شيئاً.
وهذا يحصل أحياناً.
أيضاً: الردة، نسأل الله العافية، وأعاذنا الله منها! فلو أن إنساناً ارتد في أثناء الصلاة فإنه تبطل صلاته، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:٢١٧]، والآية هنا من قبيل اللف والنشر المرتبين، يعني: أنهما فعلان ترتب عليهما عقوبتان، فالفعلان:((وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ))، والعقوبتان:((فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)) يعني: كل فعل تقابله عقوبة؛ لئلا يقول قائل بأن في الآية:((فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ))، فإذا ارتد في صلاته ثم رجع إلى الإسلام فإنه تكون صلاته صحيحة، ويبني على ما مضى، بل نقول له: لا؛ لأنه لما ارتد حبط عمله، ومن جملة العمل الصلاة، وعلى هذا تكون باطلة.
كذلك ذكر المالكية من جملة النواقض: الاتكاء على عصاً أو حائط لغير عذر، قالوا: لأنه يكون مخلاً بالقيام، فيدخل هذا الناقض في الناقض الأول الذي هو تعمد ترك ركن من أركانها، ومن أركان الصلاة القيام للقادر عليه.