العذر السادس: الخوف من الضرب أو الحبس، ومن باب أولى القتل في غير حق شرعي، فإذا كان إنسانٌ في بلد ما يطارده حاكم ظالم، أو أمير جائر، وهو معرض للقبض عليه، كالشاب الذي يحافظ على الجماعة، ويوضع في القائمة السوداء، فمثل هذا معذور، قال تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل:١٠٦]، فلربما يلقى في السجن من غير محاكمة؛ لأنه محافظ على الجماعة، فمن خاف من الضرب أو الحبس، ومن باب أولى القتل، فإنه يعذر في ترك الجمعة والجماعة، وكذلك الخوف على المال من النهب، كإنسان نزل بلداً وليس له فيها مكان يقيم به، فخشي أنه لو ترك متاعه (حقائبه وحاجياته) ودخل إلى المسجد أنه سيخرج فلن يجدها، فمثل هذا معذور، فنقول له: صل وحدك واحرس متاعك، ويمثل الفقهاء الأولون رحمهما الله: بإنسان شرد منه بعيره وهو داخل إلى المسجد، فقيل له: بعيرك في مكان كذا، فإذا دخل مع الجماعة يكون باله مع البعير، فنقول له: أدرك بعيرك، والله غفور رحيم، وقد ذكر الشيخ سعيد بن مسفر: أنه في مرة من المرات، أعطاه شخصٌ زكاة في رمضان مائة وخمسين ألف ريال في حقيبة، وقال له: وزعها، قال: فحملتها في السيارة ومعي أهلي، فذهبنا لزيارة بعض الأقارب؛ وخوفاً على الحقيبة من أن يعبث بها الأطفال وضعتها في الصندوق في الخلف، وذهبت وأوصلت أهلي، ثم ذهبت إلى صلاة العشاء، فرآني إمام المسجد، فقال: قد جاء الله بك اليوم تصلي بنا، قلت له: خير إن شاء الله، قال: وبعد الصلاة بارك الله فيك تذكرهم، فقلت له: خير إن شاء الله، فلما دخلت في صلاة العشاء، وقلت: الله أكبر، قال لي الشيطان: والحقيبة، فو الله ما أدري ما قرأت في الصلاة ولا ما فعلت، وبعد الصلاة اعتذرت للإمام، فقال لي: والله ما نتركك أبداً، لابد أن تعطينا كلمة، فأعطيتهم كلمة لا أدرى ما قلت فيها، ثم خرجت، فوجدت الحقيبة كما هي، فأخذتها ورجعت إلى المسجد فسجدت شكراً لله، ثم أعدت الصلاة مرة ثانية، إذاً: الإمام شدد عليه، وكان من الممكن أن الإمام يعذره، ويقول له: اخرج فأدرك مالك، ثم تلحق بالجماعة أو لا تلحق.