الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم! علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى.
أما بعد: فسنتكلم بعون الله تعالى في هذا المقام بكلام سهل ميسر، لا يحتاج إلى إمعان نظر أو فكر، بل أدلته واضحة بينة، سنتكلم عن أحكام العيدين، ونبدأ بتعريف العيد فنقول: سمي العيد عيداً؛ لعوده وتكرره؛ فهو يتكرر في كل عام، وقيل: لعوده بالسرور، وقيل: تفاؤلاً ليعود على من أدركه، مثلما سمى العرب الصحراء مفازة تفاؤلاً بأن سالكها سيفوز، مع أن الصحراء مظنة الهلاك، ومثلما سمى العرب الضرير بصيراً، والعليل صحيحاً، تفاؤلاً بأنه سيبصر أو أنه سيصح، فكذلك سموا العيد عيداً تفاؤلاً بأنه سيعود على من أدركه، ومثلما سميت القافلة تفاؤلاً بأن يقفل أصحابها، أي: يرجع من سافروا فيها.
وليس للمسلمين إلا عيدان كلاهما عقيب عبادة: عيد الفطر بعد عبادة الصيام، وعيد النحر في ختام العشر الأولى من ذي الحجة، والتي يكون فيها الحج، ومعلوم أنه لا يحج من المسلمين إلا قليل، فالباقون يشغلون أنفسهم بالأعمال الصالحة، لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من أيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء).