[تفسير قوله تعالى:(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)]
قال الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:٥].
الله عز وجل ما بعث نبياً ولا ما بعث رسولاً إلا قال له:{أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:٣٦]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:٢٥].
((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) أي: عبادة لا يخالطها شرك، ولا رياء، حنفاء مائلين عن الشرك إلى التوحيد، وعن الضلال إلى الهدى.
قال سعيد بن جبير رحمه الله: لا يسمى الحنيف حنيفاً إلا إذا حج واختتن.
ولا شك أن هذا تفسير للعام ببعض أفراده، فإن الختان من الحنيفية، والحج من الحنيفية، لكن الحنيفية هي دين إبراهيم عليه السلام، أساسها التوحيد: لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله.
قوله:((حُنَفَاءَ)) أي: حنفاء لا يعبدون أحباراً ولا رهباناً.
قوله:{وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}[البينة:٥] هذه في دين كل نبي، ولذلك أثنى الله على إسماعيل بقوله:{إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا}[مريم:٥٤ - ٥٥]، وأثنى الله عز وجل على غيره من الأنبياء، بل على أهل الكتاب عموماً فقال:{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ}[آل عمران:١١٣] فالصلاة والزكاة أساس في جميع الشرائع والأديان.
قوله:{وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:٥] أي: هذا هو الدين المستقيم الذي لا عوج فيه ولا ميل ولا انحراف.