ومما يستفاد من هذه الهجرة المباركة: أن الله عز وجل قد اختار لنبيه صلى الله عليه وسلم أصحاباً هم خير الأصحاب، وأنصاراً هم خير الأنصار، فقد مضى معنا خبر أبي بكر وماذا كان يصنع في طريق الهجرة، وإلى أن وصل صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأبو بكر معه كالخادم الأمين، يقول الأنصار رضي الله عنهم: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومعه أبو بكر وأكثرنا ما رآه، ما عرفنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أبا بكر حتى زال الظل وجاءت الشمس، فخلع أبو بكر رداءه وظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلمنا أن الجالس هو رسول الله وأن القائم عليه هو أبو بكر.
وكذلك علي رضي الله عنه نام في فراش النبي عليه الصلاة والسلام وقد أحاطت به الأخطار، وأسماء بنت أبي بكر، يأتي جدها أبا قحافة فيقول لها: لقد خدعكم أبوكم في نفسه وماله، فتعمد رضي الله عنها إلى حجارة تجمعها، ثم تأخذ بيدي جدها وقد كان أعمى، فيتحسس تلك الأحجار، تقول له: ترك لنا مالاً كثيراً، من أجل أن تطمئنه وتصرف الوسواس عنه.
ويأتي عدو الله أبو جهل يدق باب أبي بكر ويقول: يا أسماء! أين أبوك، تقول: ما أدري، فيلطمها عدو الله لطمة حتى يطير قرطها، أي: الحلق الذي في أذنها.
وقل مثل ذلك في عامر بن فهيرة، وفي عبد الله بن أبي بكر، وهؤلاء جميعاً رضوان الله عليهم، كانت لهم قدم صدق في الإسلام.
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الاقتداء بهم، والسير على نهجهم، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله.