جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على قبرين فقال:(إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة).
قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى: ذكر بعض أهل العلم مناسبة الذنبين للعقوبتين في ذلك الموضع، فالذنب الأول: عدم الاستتار والتنزه من البول، والذنب الثاني: المشي بالنميمة بين الناس، قال: مناسبة ذلك أن (القبر هو أول منازل الآخرة) كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة من عمله الصلاة، والصلاة مفتاحها الطهارة من الحدث، وهذا لم يتطهر من الحدث، وأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء، والدماء سببها في الغالب النميمة، ولذلك كان عامة عذاب القبر من هذين الذنبين: عدم الاستتار من البول، والمشي بالنميمة بين الناس:(إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير) أي: بزعمهما، وقال بعضهم:(وما يعذبان في كبير) أي: ليس كبيراً عليهما تركه، فقد كان يمكنهما تركه لو أرادا، (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى إنه لكبير)، ثم أخذ عليه الصلاة والسلام جريدة رطبة فشقها نصفين، وغرس في كل قبر واحدة وقال:(لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).