لا يحق لغير المسافر أن يقصر، ونضرب مثلاً لذلك بالمريض، حيث إنك إن زرت مريضاً في المستشفى، فقال لك: أنا منذ عشرة أيام لشدة المرض أقصر الصلاة، نقول له: وجب عليك أمران: التوبة إلى الله، وإعادة الصلاة، بينما لو قال هذا المريض أنا أجمع بين الصلاتين، بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، نقول له:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة:١٨٥]، وفعلك صحيح، ولو قال مثلاً: أنا لشدة المرض أصلي الصلوات كلها في آخر الليل، نقول له: واجب عليك التوبة إلى الله، ولا إعادة عليك؛ لأنه ليس هناك فائدة، فهو من ناحية الكمية أوقعها صحيحة، لكن من ناحية الوقت قد أخل.
إذاً: الأعذار ثلاثة: إما سفر، وإما مرض، وإما خوف، أما بالنسبة للسفر فهذا عذر يقتضي نقص الكمية والجمع في السفر، فالرباعية تصير اثنتين، ثم يحق لك الجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت، في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، في وقت أحدهما.
وبالنسبة للمرض فإنه ليس هناك نقص في الكمية، وإنما هناك جمع إن احتاج إليه.
وبالنسبة للخوف فإن هناك تغيير في الكيفية، ولو كان هناك سفر مع الخوف نقص أيضاً في الكمية، فمثلاً: لو دهمنا العدو لا قدر الله فالصلاة الرباعية تبقى رباعية، لكن الكيفية تختلف؛ كما قال الله عز وجل:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة:٢٣٩] أي: نحن في حال شدة القتال والخوف الشديد نصلي مستقبلين القبلة أو مستدبريها، نصلي ونحن ماشون، ونحن نجالد العدو، وسواء بطهارة أو بغير طهارة، فهنا اختلفت الكيفية، لكن تبقى الكمية كما هي.
فالأعذار: إما سفر وإما مرض وإما خوف، وقال المالكية رحمهم الله: يسن لمن سافر سفراً مباحاً أن يقصر الرباعية، ولا قصر للمسافر في صلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار، ولا قصر في صلاة الصبح؛ لأن قصرها يجعلها وتراً، وهذا التعليل فقط، ويكفينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قصر في الرباعية فقط في السفر، ولم يقصر في صلاة المغرب ولا في صلاة الصبح.