قال العلامة الشيخ عطية رحمه الله في أضواء البيان: علم من استقراء القرآن أن الآيات التي أوصت باليتامى على خمسة أنواع: النوع الأول: آيات جاءت لدفع المضار عن اليتيم، كقول الله عز وجل:{وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}[الأنعام:١٥٢] وكقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}[النساء:١٠].
ثانياً: جلب المنفعة له، فالله عز وجل يأمرنا بأن نرعى مال اليتيم، وأن نحفظه، فإذا بلغ رشده دفعناه إليه، قال الله عز وجل:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}[النساء:٦] إلى أن قال: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}[النساء:٦].
ثالثاً: عدم الإساءة لليتيم في الجانب النفسي، يعني ليس فقط في الجانب المادي، لا، بل حتى في الجانب النفسي، قال الله عز وجل:{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}[الضحى:٩]، وقال ذاماً أقواماً:{كَلَّا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ}[الفجر:١٧]، وقال:{فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}[الماعون:٢].
رابعاً: أمر الله عز وجل بالإحسان إلى اليتيم وحسن تربيته، يقول الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}[البقرة:٢٢٠].
خامساً: يعلي الله عز وجل في القرآن الكريم من شأن اليتيم، ويبين أن جلب المنفعة له من خصال الصالحين والأنبياء، وفي قصة موسى مع الخضر يتكلف العبد الصالح ببناء جدار، والبناء يتحمل فيه الإنسان مشقة وعنتاً، ثم بعد ذلك يعلل ويقول:{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}[الكهف:٨٢].
وهنا تنبيه: ليس من قهر اليتيم زجره لينصلح حاله، فلو أن إنساناً ولي يتيماً، فالواجب عليه أن يعامله كما يعامل ولده، وولدك يحتاج أحياناً إلى زجر وقرع بالكلام، ويحتاج إلى ضرب أحياناً، فكذلك اليتيم وكما قيل: فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً فليقس أحياناً على من يرحم