الأمر الثاني: تعمد زيادة ركن من الأركان الفعلية، كركوع أو سجود، فلو أن إنساناً بدلاً من أن يركع مرة واحدة ركع مرتين معللاً ذلك بقوله: كما أني أسجد سجدتين أركع ركعتين، أو أنه بدلاً من أن يسجد سجدتين سجد ثلاثاً، فهذا تلاعب بالصلاة، وقد اتفق أهل العلم على أن من تعمد زيادة ركن فعلي فقد بطلت صلاته؛ لأن هذا تلاعب بالصلاة، والدليل على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقوله: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) كما جاء ذلك في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
قال العلماء: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) هو مقياس العمل في الباطن، وقوله:(من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) مقياس العمل في الظاهر، فمن أجل أن يقبل العمل عند الله لابد أن يستقيم الباطن والظاهر، فلو أن إنساناً جاء إلى المسجد ولم تخرجه الصلاة وإنما خرج مجاملة أو لشهود عقد نكاح، أو لأن هناك مبايعة يريد أن يتمها، أو يقصد إنساناً له عليه دين يريد أن يقابله في المسجد ونحو ذلك؛ فليس له أجر، ولو أن إنساناً خرج ونيته الصلاة، لكن صلى على غير الصفة المشروعة فزاد في الأركان ونقص فأيضاً لا تقبل منه.
ولو أن الإنسان تعمد زيادة ركن قولي كالفاتحة، أو كبر تكبيرة الإحرام مرتين، فالمشهور عند الأئمة الأربعة أنها لا تبطل، وإنما البطلان متعلق بزيادة الركن الفعلي.
ويقول المالكية أيضاً: لو سها فأخرج الصلاة عن صفتها بأن صلى -مثلاً- الصلاة الثنائية أربعاً، والصلاة الثلاثية كالمغرب صلاها ستاً، والصلاة الرباعية كالظهر والعصر والعشاء صلاها ثمانياً ساهياً فإنها تبطل، وهذا السهو لا يغتفر؛ لأنه أخرج الصلاة عن صفتها وعن شكلها.
وقد جاء في صحيح مسلم أن الوليد بن عقبة صلى بالناس في الكوفة على عهد عثمان رضي الله عنه الصبح أربعاً، ثم التفت إليهم، وقال: أزيدكم؟ فقال له أحدهم: والله ما زلنا في زيادة منذ أن وليت علينا.
فعزله عثمان رضي الله عنه وجلده؛ لأنهم ذكروا عنه أنه كان شارباً الخمر.