أما العلم فبأن تعلم أن أقدار الله سلفت، وأن الأرزاق قد قسمت، وأن الله عز وجل قسمها بحكمته وعلمه جل جلاله، كما قال في القرآن:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الزخرف:٣٢]، والكفار الأولون لما جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم جحدوها حسداً، كما قال عز وجل عنهم:{وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:٣١] أي: أن محمداً فقير مسكين، فكيف يكون نبياً ونحن أغنياء، وعندنا الأموال، وعندنا البساتين، ولا يكون الواحد منا نبياً؟ وبعضهم حسده لأنه صغير في السن، كـ أبي بن خلف قال: أنا شيخ كبير، وإني أستحي من أن أتبع هذا الغلام القرشي! قال هذا ازدراءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ألا قل من كان لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدب أسأت على الله في ملكه حيث لم ترض لي ما وهب ثانياً: العمل، بمعنى: أنك تحاول أن تكسر من حدة نفسك، فلو أنها حدثتك بازدراء إنسان فارفع من قدره، وأنزله منزلته، ولو أن نفسك حدثتك بتمني زوال النعمة عن الغير، فسل الله من فضله أن يعطيك مثلما أعطاه؛ فإنه سبحانه فضله عظيم، وخيره عميم.
ثم أيضاً لو أن نفسك حدثتك بأن تسوق إليه أذى، فكف هذه النفس وداوها.
والحسد جائز إذا كان حسداً على أمر ديني، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس).
يعني: لو رأيت إنساناً صلاته حسنة وتمنيت أن أفعل مثلما يفعل، فلا بأس، ولو أني رأيت إنساناً يقرأ القرآن بصوت ندي، فتمنيت أن يعطيني الله مثلما أعطاه، فلا بأس، ولو وجدت إنساناً غنياً ذا مال، وهو ينفق ذات اليمين وذات الشمال في مرضات الله، فتمنيت أن أعطى مثلما أعطي فلا بأس، أسأل الله سبحانه أن يداوي أمراض قلوبنا.