للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعمد النفخ فيها]

الأمر الخامس: تعمد النفخ في الصلاة، وقيده بعض العلماء بإذا بدا منه حرفان، والدليل على ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ أفلح، -وهو غلام من غلمان النبي عليه الصلاة والسلام-: (يا أفلح! ترب وجهك).

وهذه كلمة لوم، مثل قوله صلى الله عليه وسلم لـ معاذ: (ثكلتك أمك يا معاذ!)، ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينفر بعد حجة الوداع ويرجع إلى المدينة قيل له: (يا رسول الله! إن صفية قد حاضت، ولم تطف) يعني: لم تطف طواف الإفاضة، فقال: (عقرى حلقى) يعني: يدعو عليها بذهاب الشعر (أحابستنا هي؟ ثم قيل: قد طافت، فقال: فانفروا إذاً).

قال العلماء: هذا كله ليس على ظاهره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول لأحد أصحابه: ثكلتك أمك، أو ترب وجهك، أو تربت يمينك، أو حلقاء عقرى، أو مثل ذلك من الكلام، فإنه لا يراد به ظاهره، وإنما هو على ما جرى به لسان العرب.

فهذا الغلام كان إذا سجد نفخ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ترب وجهك).

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (النفخ في الصلاة كلام) وهذا موقوف عليه، والحديث الأول -الذي هو حديث أفلح - رواه الإمام الترمذي، وقد ضعفه بعض أهل العلم؛ لأنه من رواية ميمون أبي حمزة.

أما حديث ابن عباس رضي الله عنه فقد رواه سعيد بن منصور في سننه، قال ابن المنذر: ولا يثبت.

فالنفخ يبطل الصلاة ليس استدلالاً بحديث ابن عباس، ولا بحديث أم سلمة في خبر أفلح، وإنما لأن النفخ بمنزلة الكلام، فلذلك تبطل الصلاة بالنفخ.