للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معرفة سبب النزول ترفع توهم الحصر]

الفائدة الثالثة: رفع توهم الحصر، الإنسان أحياناً لو قرأ آية فإنه يظن أن هذه الآية جاءت للحصر، مثلاً: قال الله عز وجل: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ} [الأنعام:١٤٥].

يعني: المحرمات فقط هذه الأربع، والدليل: النفي مع الاستثناء: ((إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً)) يعني: إلا أن يكون واحداً من هذه الأربع، هل المحرمات هي هذه الأربع فقط؟ لا، فهذه الأربع لم يذكر فيها الخمر، ولم يذكر فيها الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وغير ذلك، فإذا عرفنا سبب النزول سيرتفع هذا الوهم، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، كأن الآية تقول: لا حرام إلا ما حللتموه، ولا حلال إلا ما حرمتموه، يعني: الكفار كانوا يأكلون الميتة، والخنزيز، والدم المسفوح، وما أهل لغير الله به، فكأن الآية جاءت مناقضة لقصدهم تقول لهم: الحرام هو الذي تأكلونه، وبالمقابل الكفار كانوا يحرمون البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، فالآية تقول لهم: ولا حلال إلا ما حرمتموه.

هذا كلام الشافعي رحمة الله عليه.