في آية الصوم فوائد، منها: أولاً: فرضية الصيام، وأنه واجب بإيجاب الله عز وجل.
ثانياً: أن الصيام كان مفروضاً على الأمم التي كانت قبلنا.
ثالثاً: في الآية تنشيط لهذه الأمة، فكأن الله يقول: يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ينبغي لكم أن تنشطوا في العبادات من أجل أن تتفوقوا على من كان قبلكم من الأمم، وهذا تنافس مشروع كما قال الله عز وجل:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:٢٦].
رابعاً: الصيام ليس من الأمور الثقيلة التي اختصت بها هذه الأمة.
خامساً: الحكمة من فرضية الصيام تحصيل تقوى الله عز وجل، فإن الصيام من أقوى الأسباب في تحصيل التقوى.
سادساً: تنبيه أهل التربية والعاملين في الخير أن يرغبوا الناس في الخير بكل أنواع المرغبات، فإن الله عز وجل رغبنا بالنداء:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا))، ثم رغبنا بأن الصيام كان مفروضاً على الأمم قبلنا، ثم رغبنا بذكر العلة ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))، ثم رغبنا رابعاً فقال:{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}[البقرة:١٨٤]، فإذا أراد أحد أن يلقي على الناس موعظة فليقل لهم: عندي كلمتان فاسمعوهما، ثم يتكلم؛ لأن مجالس العلم للشيطان فيها نصيب وحضور، ولذلك تجد أن عندنا استعداد للجلوس على المدرجات لمشاهدة مباراة كرة القدم أكثر من ساعتين وثلاث دون أن نشعر بملل، لكن في مجلس العلم نشعر بالحر، وبالبرد، وبالجوع، وبالعطش، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلذلك إذا أراد الإنسان أن يرغب الناس في الخير، مثل أن يرغب الأطفال في الصيام، أو في الصلاة، أو في قراءة القرآن، أو في أي لون من ألوان البر؛ فليستعمل المرغبات، بأن يبين لهم الفوائد ولا بأس أن يعطيهم الجوائز والعطايا السخية، فالنفس البشرية جبلت على حب العاجلة، فلا نعد الناس فقط بأجر الآخرة، وإنما كما قال الله عز وجل:{كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}[القيامة:٢٠]، فالناس يحبون الجزاء العاجل.