الحمد لله رب العالمين، نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.
اللهم! صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار.
أما بعد: أيها الإخوة الكرام! قد تقدم معنا الكلام على بعض الدروس المستفادة من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام؛ ومنها أن الله عز وجل مع أوليائه، وأنه ناصر عباده المؤمنين، كما وعد في القرآن الكريم:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ}[الصافات:١٧١ - ١٧٣].
ومنها أن الله عز وجل ينزل على قلوب أنبيائه وأوليائه سكينة وطمأنينة عند الشدائد، فلا يخافون ولا يحزنون، كما قال ربنا سبحانه في شأن أم موسى:{إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[القصص:١٠]، وكما قال في شأن إبراهيم عليه السلام:{قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء:٦٩].
ومن الدروس المستفادة: الأخذ بالأسباب، وهذا ظاهر في جميع مراحل الهجرة النبوية المباركة.