الحسد من كبائر الذنوب والعياذ بالله! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا -عباد الله- إخواناً).
وقال:(إياكم والحسد! فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).
وقال:(دب إليكم داء الأمم من قبلكم: البغضاء والحسد، هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين) أي: أن حسد المسلم المسلم، وبغض المسلم المسلم هذه هي الحالقة التي تحلق الدين، فإنك لو حسدت إنساناً على نعمة آتاه الله إياها، فإن حسدك هذا قد يحملك على أن تتكلم فيه بالباطل، وعلى أن تسلط عليه من يؤذيه، وعلى أن تتقول عليه ما ليس فيه، وهذا كله من الشر العظيم، والداء المستطير.
قال الإمام القرطبي رحمه الله: قال علماؤنا: الحاسد بارز الله عز وجل من خمسة أوجه: أحدها: أنه كاره لقسمة الله، كأنه يقول له: يا رب! لمَ قسمت هذا؟ لمَ أعطيت فلاناً ومنعتني؟ هذا حال الحاسد والعياذ بالله! ثانياً: أنه ضاد فعل الله، فإن الله عز وجل قد أعطى فلاناً من فضله، وهذا كاره لفضل الله عز وجل على الناس.
ثالثاً: أنه خذل أولياء الله، أو هو يريد خذلانهم.
رابعاً: أنه أعان عدوه إبليس، والعياذ بالله! خامساً: هذا الحاسد قد اتصف بمساوئ الأخلاق، وتعرض لغضب الله عز وجل.
قالوا: الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامة، ولا في الخلوة إلا جزعاً وهماً، ولا من الملائكة إلا بغضاً ولعنة، ولا من الله إلا مقتاً وبعداً، ولا في الآخرة إلا ناراً واحتراقاً.
قال الحسن البصري رحمه الله: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد، نفس دائم، وحزن لازم، وعبرة لا تنقطع.
فالحاسد الحزن ملازم له، ودائماً كأنه يريد أن يبكي، وكلما رأى على إنسان نعمة كأن هذه النعمة قد قطعت من جلده، وكأنها قد سلبت منه، وأعطيت لفلان هذا، ولذلك تجده دائماً في غم وهم.
قل للحسود إذا تنفس صعدة يا ظالماً وكأنه مظلوم فهو ظالم وفي الوقت نفسه يظهر وكأنه مظلوم.