ذكر ربنا قصة أولئك القوم العتاة الجبابرة الذين ذكروا في سورة الفجر:{وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ}[الفجر:٩] جابوا: قطعوا، فقد كانوا ينحتون من الجبال بيوتاً فارهين.
قال الله عز وجل:{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}[الشمس:١١]، أي: بسبب طغيانها وعتوها وجبروتها وكبرها.
{إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا}[الشمس:١٢] رجل اسمه قدار بن سالف عارم عزيز في قومه، كان معجباً بنفسه معتزاً برهطه، هذا الرجل انبعث فاعتدى على الناقة، وكانوا ثمود قد طلبوا من صالح آية.
ما الآية التي تريدون؟ قالوا: نريد ناقة كوماء، أي: ضخمة، وكثيرة اللبن، فيكون لبنها في الشتاء دافئاً، وفي الصيف بارداً.
هكذا طلبوا آية على مزاجهم، فدعا الله عز وجل فانشقت صخرة، وخرجت منها الناقة على الصفة المذكورة، قال لهم صالح:{قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}[الشعراء:١٥٥]، هذه ناقة تشرب في يوم، ثم أنتم تشربون في اليوم الذي بعده.
{هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الأعراف:٧٣]، لكن القوم كانوا جبارين عتاة شياطين؛ فحرضوا هذا الخبيث قدار بن سالف، فانبعث أشقى القوم، وكان صالح عليه السلام قد حذرهم:{فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس:١٣](فقال لهم رسول الله) صالح.
(ناقة الله) احذروا ناقة الله وسقياها، ولا تمسوها بسوء.
قال أهل التفسير: الإضافة إلى الله للتشريف، ومعلوم بأن النوق كلها لله، لكن الإضافة للتشريف احذروا ناقة الله وسقياها.
{فَكَذَّبُوهُ}[الشمس:١٤] وقالوا: ائتنا بعذاب الله إن كنت من المرسلين، قال الله على ألسنتهم:{ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}[الأعراف:٧٧].