ختمت هذه السورة بهذا التهديد:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:٦].
يقول ابن القيم رحمه الله: وقد أخطأ من ظن أن هذه الآية منسوخة بآية السيف، فليست الآية منسوخة، وليس فيها إقرار للكفار على دينهم الباطل، وإنما المقصود كما في قول الله عز وجل:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}[يونس:٤١]، وقوله:{قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ}[سبأ:٢٥]، وقوله في سورة الكهف:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف:٢٩]، أي: تهديد هؤلاء المشركين الذين ما عرفوا الله ولا قدروه حق قدره.
يقول ابن القيم رحمه الله: وفي تقديم اختيارهم على دين الله تهكم واستخفاف بهم، قال الله عز وجل:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، فهو بمنزلة أن تقول لإنسان: هذا سم وهذا دواء، فتقديمك للسم ليس إعلاءً له وإنما استخفافاً بشأنه.