قبل أن ندخل في تفسير هذه السورة المباركة، أنبه على مسألة وهي: أنه في صلاة المغرب قرأ الإمام بسورة الناس في الركعة الأولى، وقرأ بسورة الناس في الركعة الثانية، وقد ظن بعض الإخوان أن هذا سهو وقع من الإمام، ولكن حقيقة الأمر أنه فعل ذلك عمداً، من أجل أن ينتبه الناس إلى سنة، وهي:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بسورة الزلزلة في ركعتين) يعني: قرأ في الركعة الأولى: (إذا زلزلت)، وقرأ في الركعة الثانية:(إذا زلزلت).
وكذلك مر معنا في تفسير سورة الإخلاص الحديث المروي في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه:(أن رجلاً كان يؤم الأنصار في مسجد قباء، فكان إذا صلى افتتح بـ (قل هو الله أحد)، ثم يضم إليها سورة أخرى، فقال له القوم: إنا نراك تفتح بهذه السورة ثم لا ترضى حتى تضم إليها أخرى، فإما أن تقرأها وحدها، وإما أن تقرأ غيرها، فقال: والله! ما أنا بفاعل، إن شئتم أممتكم، وإن شئتم تركتكم، فكرهوا أن يتركهم؛ لأنهم كانوا يرونه من أفضلهم، فشكوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي عليه الصلاة والسلام: ما يمنعك أن تفعل كما يأمرك أصحابك؟ فقال: يا رسول الله! إني أحبها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: حبك إياها أدخلك الجنة).
فالشاهد: أن هذا الرجل كان يقرأ (قل هو الله أحد) في كل ركعة، ولم ينكر عليه ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
والإمام البخاري رحمه الله في كتاب الصلاة بوب باباً بعنوان: باب قراءة سورة في ركعتين، وأورد في ذلك أحاديث، ثم قال: وسئل قتادة عمن قرأ في ركعة بسورتين، وعمن ردد سورة في ركعتين، فقال قتادة: كلٌ كتاب الله يعني: أن ذلك داخل في عموم قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل:٢٠].