الخطأ الثاني: وهو أن بعض الناس يتخذ سترة غير مجزئة، كأن يخط خطاً بيده، ويقول: هذا السترة.
إن مقدار السترة المجزئة التي تستر المصلي هي: دون مؤخرة الرحل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة (إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من وراء ذلك)، والرحل مقداره ذراع، والذراع ما بين طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى، وهو حوالي ستة وأربعين سنتيمتر، وبعض الأذرع قد تكون طويلة وبعضها قصيرة، والعمل دائماً بالذراع المعتدل، كقولهم: المد: ملئ الكفين المعتدلتين، وإلا فبعض الناس كفه كبيرة، وبعضهم كفه صغيرة.
والمقصود هو بيان أن السترة بطول الذراع المعتدل، وعليه فلا يجوز اتخاذ الخط سترة مع القدرة على اتخاذ غيره، ولو كان عصاً أو متاعاً أو تراباً، على قدر استطاعة المصلي.
أما إذا صلى الناس خلف الإمام، ومر إنسان بين الإمام وبين الصفوف فلا حرج عليه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من كان له إمام فسترة الإمام له سترة).
قال عبد الله بن عباس: جئت أنا والفضل على أتان -والأتان هي أنثى الحمار، وليست حمارة كما يقول بعض الناس، وكما تقول في أنثى الجمل: الناقة، وليست الجملة، وأنثى الثور: بقرة، وأنثى التيس: معزة، وأنثى الكبش: نعجة، ثمانية أزواج من الضأن اثنين، ومن المعز اثنين، ومن البقر اثنين- ورسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة في حجة الوداع، فمررنا على الصف، فنزلنا فتركناها ترتع، ودخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فلم يقل لنا شيئاً عليه الصلاة والسلام، وموضع الشاهد في الحديث: هو أنه صلى الله عليه وسلم أقرهما على المرور بين الصفوف ولم يقل لهما شيئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فدل ذلك على أن المرور بين يدي المأموم لا يضر.
وبسبب الازدحام في المسجد الحرام قد يأتي بعض الناس ويمر في أثناء الصلاة بين الصفوف، وقد يمنعه أحدهم من المرور، ولو تفقه لترك الناس يمرون، ولم يضيق على المسلمين.