يكبر الإمام والناس بعده في الركعة الأولى ستاً غير تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً غير تكبيرة القيام، أي: في الركعة الأولى سبعاً وفي الثانية ستاً، والأصل في ذلك حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال:(شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة رضي الله عنه، فكبر في الركعة الأولى سبعاً قبل القراءة، وفي الآخرة خمساً قبل القراءة)، قال مالك رحمه الله: وهو الأمر عندنا أي: هذا هو المشهور، وإلا المسألة فيها خلاف.
قالت المالكية: وليس بين التكبير ذكر ولا دعاء، وإنما يسكت الإمام بقدر ما ينقطع تكبير من خلفه، يقول: الله أكبر، فإن قالوا: الله أكبر، فيقول ثانية: الله أكبر وهكذا.
وبعض الناس بين التكبيرتين يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم بعد ذلك يقول: الله أكبر، قال ابن مسعود: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البيهقي والطبراني في الكبير.
فلو وجدنا إنساناً يذكر الله بين التكبيرات لا ننكر عليه، فالأمر واسع، وأنا أذكر الخلاف دائماً من أجل أن تتسع الآفاق إن شاء الله، وقد حدث أن أحد إخواننا زار السودان قبل حين، فأنكر أن وجد الإمام لما قال: السلام عليكم قال كل الناس: السلام عليكم، بصوت عالٍ؛ لأنه ما رأى هذا في بلده، لكن في حقيقة الأمر هذا منصوص عليه عند المالكية، وهو: استحباب الجهر بتكبيرة الإحرام وتسليمة الختام، وأن من فضائل الصلاة الجهر بتكبيرة الإحرام وتسليمة الختام.
فحقيقةً لما ينشأ الإنسان في بلد معين وعلى مذهب معين يضيق أفقه فلا يتحمل الآخرين، وقد يكون الأمر فيه سعة.
فمثلاً: ذكروا في بعض بلاد الله ممن أهلها أحناف: أنه صلى أحدهم وبجانبه رجل وأشار بأصبعه في التشهد فقام وكسرها؛ لأنه ضيق الأفق، وقد سمع من الفقهاء الأحناف بأن هذا عبث لا يليق بالصلاة، ونحن عرفنا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقبض على أصابعه كلها ويشير بسبابته عليه الصلاة والسلام، ولربما حلق بين الإبهام والوسطى وأشار بسبابته، لكنه لا يستسيغ هذا الكلام، بل ما سمعه من علمائه فهمه: أن يجاهد وهو في الصلاة فيكسر أصبع أخيه المسلم الذي هو أقرب إلى السنة منه.
وهناك أمور كثيرة ينكرها الناس وهي عين السنة، حتى أنه في مرة من المرات جاء أحد الناس زائراً إلى المدينة المنورة، وهو من أهل هذه البلاد، ومعروف أنه في المسجد النبوي بعد كل صلاة يؤتى بجنازة غالباً، وأحياناً أربعاً، وأحياناً تسعاً، فبعد كل صلاة يقوم الناس ليصلوا، والمؤذن يقول: الصلاة على الأموات، أو الصلاة على الرجل، أو على المرأة، فقام وقال لي: يا أخي! هؤلاء الناس يحاربون البدع، هذه الصلاة التي يصلونها بعد الفريضة ما الذي أتى بها؟ فقلت له: أما سمعت المؤذن يقول: الصلاة على المرأة؟ أي: صلاة الجنازة، فعلى الإنسان أن لا يتعجل الإنكار.