الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين، وأن يجمعنا في جنات نعيم.
سورة المسد تسمى في بعض المصاحف سورة أبي لهب، وهي سورة مكية.
سبب نزولها كما روى البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:(أنه لما نزل قول الله عز وجل: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤]، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البطحاء فنادى: واصباحاه، فاجتمع إليه أهل مكة، فقال: أرأيتم لو أخبرتكم أن الجيش مصبحكم أو ممسيكم أكنتم مصدقي؟ قالوا: نعم، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقام أبو لهب من بين الناس وقال له: تباً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟) فأنزل الله عز وجل هذه السورة ليحكم على هذا الإنسان بالتباب وبالهلاك والخسار.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:(نزلت هذه السورة لما جاء أبو لهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا محمد! ما لي إن آمنت بك، فقال عليه الصلاة والسلام: ما يعطى المسلمون، قال: ما لي عليهم فضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأي شيء تبغي؟ فقال الخبيث: تباً لهذا الدين أن أكون وهؤلاء سواء).
وقال عبد الرحمن بن كيسان رحمه الله: نزلت هذه السورة لأن الوفود كانت تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو لهب ينطلق إليهم أولاً، فيسألونه عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له: أنت أعلم به، فيقول لهم: إنه ساحر كذاب، فلا تأتوه، فيرجع الوفد دون أن يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فجاء في مرة وفد من الوفود وأصروا على أن يلقوا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فادعى أبو لهب دعوى كاذبة خاطئة، فقال لهم: ما زلنا نعالجه تباً له، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتأب، فأنزل الله عز وجل هذه السورة.
خلاصة هذه الروايات وغيرها: أن هذا الإنسان الشقي الذي كتب الله له الشقاوة في الأزل كان يمارس نوعاً فريداً غريباً من العداوة والكراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، رغم أنه كان ابن أخيه إلا أنه كان يبغضه ويمقته وكان ينفر الناس منه، ولا يبالي في ذلك بأن يأتي بالأفعال التي يأنف منها العقلاء.