قال الله عز وجل:((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))، هذا تذييل في معنى التعليل، ((اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ))؛ لأن الله جل جلاله مع الصابرين، معية تستلزم التوفيق والنصرة والتأييد وإجابة الدعوة وتحقيق الرغبة، وهذه مزية ليست لغيرهم، قال علي بن الحسين رضي الله عنه: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب؟ فيخرج عنق من الناس يتوجهون إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة يقولون لهم: إلى أين يا بني آدم؟ يقولون: إلى الجنة، يقولون: قبل الحساب؟ يقولون: نعم، يقولون لهم: فمن أنتم؟ يقولون: نحن الصابرون، يقولون لهم: وما كان صبركم؟ يقولون: صبرنا على طاعة الله وصبرنا عن معصية الله حتى توفانا الله، فتقول لهم الملائكة: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ويشهد لهذا قول الله عز وجل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر:١٠].
والصبر ذكر في القرآن كما قال الإمام أحمد رحمه الله في تسعين موضعاً، أي: في تسعين آية من كتاب الله، تارة يأمر به، {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}[النحل:١٢٧]، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}[الطور:٤٨]، وتارة ينهى عن ضده كالاستعجال، {وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}[الأحقاف:٣٥]، والوهن والحزن {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا}[آل عمران:١٣٩]، فهذا كله ضد الصبر، وتارة يبين الله عز جل عاقبة الصبر:((إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ))، وتارة يبين جل جلاله أنه مع الصابرين، وأن جزاءهم الجنة، وأنهم الناجون من الخسارة {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر:٢ - ٣]، وغير ذلك من المواضع.