قال الله:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى:٩].
وهذا كقوله سبحانه:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}[ق:٤٥].
قال أهل العلم: يؤخذ من هذا أدب: أن العلم لا يوضع عند من لا يوقره ولا يحترمه، وإنما يبذل العلم لمن ينتفع به:{فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}[الأعلى:٩].
قال الله عز وجل:{سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى}[الأعلى:١٠] كما قال: {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا}[يس:٧٠]، فمن يخشى الله عز وجل ويتقيه هو الذي ينتفع بهذا القرآن.
أما الفاجر والمنافق والشقي فإن القرآن ظلمات عليه.
{وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى}[الأعلى:١١]، نزلت في الوليد بن المغيرة الذي كان يسمع القرآن، ويقول: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر، ثم قال بعد ذلك:{إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ}[المدثر:٢٤]، فهذا هو الأشقى.
{الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى}[الأعلى:١٢]، الذي سيعاني حرها، ويصلى سعيرها.
{ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا}[الأعلى:١٣]، نسأل الله العافية، فهو في النار لا ميتاً فينسى، ولا حياً فيرجع، قال الله عز وجل:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}[إبراهيم:١٧]، وليته مات، {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}[الزخرف:٧٧]، يطلبون من الله أن يميتهم وأن يهلكهم لكن لا يستجاب لهم، وهكذا {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}[النساء:٥٦]، {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}[الإسراء:٩٧].
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى:١٤]، نال الفلاح من زكى نفسه بالطاعة والعبادة والذكر وقراءة القرآن والدعاء.
{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}[الأعلى:١٥] قالوا: المقصود بالزكاة زكاة الفطر، فهو يزكى ثم يصلى بعدها صلاة العيد، وذكر اسم ربه بالتكبير فصلى.