قد تتعدد الأسباب في نزول الآية الواحدة، فمثلاً: سورة الضحى المشتملة على إحدى عشرة آية، ورد في سبب نزولها:(أن الوحي انقطع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فترة من الزمن، قيل: مدة أربعين يوماً، وقيل: ستة أشهر؛ فجاءت أم جميل زوجة عمه أبي لهب فقالت: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد ودعك -يعني: تركك الشيطان الذي كان يأتيك بالكلام- فحزن النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الكلام، فأنزل الله عز وجل قوله:{وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}[الضحى:١ - ٣]).
هذه الرواية في الصحيحين، وفي رواية أخرى رواها الإمام الطبراني عن حفص بن سعيد القرشي عن أمه وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم قالت:(إن جرواً دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم لا ينزل عليه الوحي فقال: يا خولة! ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ -فالرسول صلى الله عليه وسلم يسأل الصحابية خولة بنت حكيم ما الذي حدث في بيته صلى الله عليه وسلم؟ - جبريل انقطع عني، قالت: فقلت في نفسي: لو هيأت البيت وكنسته، قالت: فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترتعد لحيته، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته رعدة عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله عليه:{وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}[الضحى:١ - ٣]).
وليس بين السببين تعارض، حيث كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم جرو قد مات، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم به، وصادف أن تلك المرأة العوراء قالت له هذا الكلام:(ما أرى شيطانك إلا ودعك، فأنزل الله عز وجل السورة على السببين جميعاً).
والرواية الأولى في الصحيحين، أما الرواية الثانية فهي عند الطبراني وفيها راو لم يسم، ففي سندها كلام.