[التبكير]
السنة الخامسة: التبكير إليها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن) أي: عنده قرون والبدنة: هي الناقة، وسميت بدنة؛ لأنها تبدن أي: سمينة، (ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر).
فإن قيل: فما هي هذه الساعات الخمس؟! ف
الجواب
قال المالكية: هي خمس لحظات لطيفة من بعد الزوال إلى صعود الإمام المنبر.
وقال الجمهور: هي خمس ساعات من طلوع الفجر إلى صعود الإمام المنبر.
فالمالكية رحمهم الله يقولون: ليس المراد بالساعة الساعة العرفية التي هي ستون دقيقة، وإنما المقصود بهذه الساعات خمس لحظات، والعرب أصلاً لم تكن عندهم ساعات، وإنما كانوا يقدرون، فمثلاً يقولون: قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، يعنون بالساعة مدة زمنية معلومة عندهم، والمالكية رحمهم الله يقولون: الخمس ساعات هذه من بعد الزوال إلى صعود الإمام المنبر، فمثلاً: في أيامنا هذه زوال الشمس في الساعة الثانية عشرة وخمس وثلاثين دقيقة، والإمام سيصعد المنبر في الساعة الواحدة مثلاً، أو في الساعة الواحدة والنصف، أو في الثانية فيقولون: هذه الخمس الساعات التي فيها: البدنة، والبقرة، والكبش، والدجاجة، والبيضة، تقسم على هذه الفترة من زوال الشمس إلى صعود الإمام المنبر، لكن يشكل على هذا -أيها الإخوان- بأن في أكثر بلاد الله ومنها الحرمان أنه بعد زوال الشمس يصعد الإمام، ونحن عندنا هنا فوضى في المساجد، ففي المسجد الفلاني لا يصلي الإمام مبكراً، فيصعد الساعة الواحدة ويخطب ما شاء الله إلى الساعة الثانية والنصف، فهذه فوضى، وعندهم علة عليلة يقول لك: لأجل أن يسمح للذي لا يدرك الجمعة هنا أن يدركها في المسجد الآخر، ولا ينبغي أن نعود الناس على أن يأخذوا راحتهم، فمن المفروض أن نعود الناس على أن الجمعة في وقت واحد، فمن لم يدرك هنا لم يدرك في غيره، أما أن نقول للناس: ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم فهذا من الخطأ العظيم.
فأقول: إن في بعض بلاد الله أو في أكثر بلاد الله مثلاً: يؤذن الظهر في الساعة الثانية عشرة وخمسة وثلاثين دقيقة، ثم بعد الأذان مباشرة يصعد الإمام، فماذا سيفعل المالكية في هذه الحالة إذا أرادوا أن يقسموا هذه الساعات الخمس على الفترة ما بعد الزوال إلى طلوع الإمام المنبر؟! الجمهور قالوا: إنها خمس ساعات تبدأ من طلوع الفجر، فمن راح في الساعة الأولى فإنه يفضل على من راح في الساعة الثانية كفضل صاحب البدنة على صاحب البقرة، فمثلاً: الفجر يطلع في الخامسة والنصف، والزوال أي: صعود الإمام المنبر في الواحدة، فهذه الفترة من الخامسة والنصف إلى الواحدة نقسمها على خمس فيتبين لنا وقت الساعة الأولى، والثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة، وهذا يختلف باختلاف الصيف والشتاء على طول النهار وقصره؛ لأنه في الصيف مثلاً ربما يكون طلوع الفجر في الرابعة والنصف، وفي الشتاء يكون طلوع الفجر قريباً من السادسة، فيختلف باختلاف الصيف والشتاء بقصر النهار وطوله، والغزالي رحمه الله تجافى كما قال الشوكاني فقال: الساعة الأولى من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
والساعة الثانية: من طلوع الشمس إلى ارتفاعها.
والثالثة: من ارتفاعها إلى انبساطها.
والرابعة: من انبساطها إلى أن ترمض الفصال.
والخامسة: من رمض الفصال إلى الزوال، وليس عنده دليل على هذا التقسيم، خاصة أنه تقسيم غير عادل، يعني: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة تقريباً أو تزيد قليلاً.
ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها عشر دقائق أو ربع ساعة.
ثم من ارتفاع الشمس إلى انبساطها أيضاً الوقت لا ينضبط، وكما قلت لكم: فـ الغزالي رحمه الله ليس عنده دليل على هذا التقسيم.
أيها الإخوان! الخلاصة: إنه مطلوب منا يوم الجمعة أن نبكر اللهم إلا في حق الإمام، فالسنة في حقه أن يخرج من بيته إلى المنبر مباشرة؛ فهكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم.