سبب نزول هذه الآية: أن رجلاً يقال له: الحطم بن هند البكري من ربيعة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل أن يدخل عليه قال النبي عليه الصلاة لأصحابه:(يدخل عليكم رجلٌ من ربيعة يتكلم بلسان شيطان)، جاء هذا الرجل وقد خلف خيله خارج المدينة، فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلما عرض عليه الإسلام ودعاه إلى الله قال: انظروا لعلي أسلم، وأرى في أمرك غلظة -يقول ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام- ولي من أشاوره، سأذهب وأشاور القوم، ومن المعلوم أن الإنسان إذا آمن لا يقول: لي من أشاوره، ولو فهم الكلام على وجهه ما كان سيخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أرى في أمرك غلظة، (فلما خرج قال النبي عليه الصلاة والسلام: لقد دخل بوجه كافر وخرج بقلب غادر، فمر بسرح من سرح المدينة) والسرح: الغنم التي خرجت للسوم، تطلب العلف والطعام، فساق هذا السرح وانطلق وهو يقول: قد لفها الليل بسواق حطم ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر الوضم باتوا نياماً وابن هندلم ينم بات يقاسيها غلام كالزلم خدلج الساقين ممسوح القدم يمدح نفسه، ويثني عليها، ثم أقبل هذا الرجل نفسه من العام الذي بعده حاجاً، وقد ساق هدياً، وهي تلك التي سرقها يهديها إلى الكعبة المشرفة، فأراد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعرضوا له، وأن يستولوا على ما معه، فأنزل الله عز وجل هذه الآية:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ)).
قال ابن عباس: يعني مناسك الحج، وقيل: بل المراد الصفا والمروة، وقيل: بل محارم الله عز وجل لا تنتهكوها.