الشرط الخامس: الجامع المبني بناءً معتاداً لأهل البلد فأعلى، ولا يضر أن يكون خطة، أي: حصيراً، والآن قد تجد الحصير في بناء بعض المساجد فلا مانع، لكن لو كان أهل البلد بناؤهم من الحصير والمسجد مسلح فلا مانع إذا كان أعلى من بناء أهل البلد يعني: أرفع، أو كانت بيوت أهل البلد مثلاً من الطين فبني عندهم مسجد من الحجارة فلا مانع من ذلك.
واشتراط الجامع أيها الإخوة الكرام! يخالف الدليل، فقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل من قباء إلى المدينة يوم الجمعة، فأدركته الصلاة في بطن الوادي (وادي رانونا) فجمع بأصحابه فيه، وكان قد وصل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة يوم الإثنين ضحى كما قال سيدنا أنس: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الإثنين ضحىً فأنار منها كل شيء، وتوفي يوم الإثنين ضحى فأظلم فيها كل شيء، وما إن نفضنا أيدينا من تربته حتى أنكرنا قلوبنا.
فلما جاء الرسول عليه الصلاة والسلام نزل على إخوانه من بني النجار في قباء، فمكث عندهم بقية يوم الإثنين، ويوم الثلاثاء والأربعاء والخميس، ولما كان يوم الجمعة ارتحل إلى المدينة، ثم لما كان في الطريق من قباء إلى المدينة دخل وقت الجمعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الجمعة في (وادي رانونا) بين قباء والمدينة، وما كان هناك جامع، والآن بني المسجد الذي يسمى مسجد الجمعة، فمن أكرمه الله بزيارة المدينة فسوف يرى ذلك المسجد في الموضع الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمي مسجد الجمعة.
إذاً: فهذا الشرط أيها الناس! يمكن أن يتصور ذهنياً وليس مذهبياً، فإذا سئلت عن مذهب مالك فقل: شروط الجمعة في مذهب مالك كذا وكذا وكذا ومنها: الجامع.
لكن اعلم أيها الأخ الكريم! بأنه لو كنا أهل بلد مستوطنين فوجبت علينا الجمعة وليس عندنا مسجد فالواجب علينا أن نصلي الجمعة ولو كان في ميدان، مثلما كان يصنع النبي عليه الصلاة والسلام في يومي الفطر والأضحى، ومثلما كان يصنع في الاستسقاء.