[قوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم)]
النداء الرابع عشر في الآية الثانية عشر بعد المائة من سورة آل عمران قول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}[آل عمران:١١٨] سبب نزول هذه الآية كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن رجالاً من المسلمين كانوا يواصلون رجالاً من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية، فأنزل الله فيهم هذه الآية ينهاهم عن مباطنتهم خوف الفتنة، والمعنى: أنه كان بعض المسلمين له علاقات قديمة مع اليهود، فلما جاء الله بالإسلام لم تنقطع تلك العلاقات، بل كان المسلمون يصلون أولئك اليهود ويوادونهم، ولربما يطلعونهم على بعض أسرار الدولة المسلمة، فأنزل الله هذه الآية، ويمكن أن يراد بالآية المنافقون؛ لأن السياق يدل على ذلك، فبعدها قول الله عز وجل:{وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ}[آل عمران:١١٩]، وهذه صفة المنافقين، كما قال ربنا في سورة البقرة، {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:١٤]، فيمكن أن يراد بالآية أهل الكتاب، ويمكن أن يراد بالآية المنافقون.