للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إثبات النسخ في الأحكام]

ثم وجه ربنا جل جلاله الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم فقال: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى} [الأعلى:٦]، وهذا القرآن محفوظ بحفظ الله عز وجل، ومحمد صلى الله عليه وسلم وعاء حافظ، فجبريل ينزل بالوحي والنبي عليه الصلاة والسلام لا يحتاج إلى أن يردد ولا أن يعيد، وإنما يحصل الحفظ تلقائياً ومن ثم البلاغ.

{إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} [الأعلى:٧] إلا ما شاء الله أن ينسيك إياه لكونه منسوخاً، يعني: -ولله المثل الأعلى- كما أن الطبيب يكتب للمريض دواء، ثم بعد حين تقتضي حالة المريض تغيير الدواء، كذلك ربنا جل جلاله يغير في الأحكام، فعلى زمن التشريع كانت تتغير الأحكام، فبعدما كان الواجب هو صيام عاشوراء فقط، نسخ صيام هذا اليوم بصيام شهر كامل هو شهر رمضان، وبعدما كان صيام رمضان على التخيير من شاء صام ومن شاء أطعم صار واجباً {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:١٨٥]، ولو كان غنياً، ولو أطعم ألف مسكين، بل ألف ألف مسكين لا يسقط عنه الصيام.