معلوم أن القاتل يكون أخاً لولي القتيل، ولا تنتفي منه صفة الإيمان، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا}[النساء:٩٣]؟
الجواب
هذه الآية فيها كلام كثير لأهل العلم، والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن هذه الآية مقيدة بالآية التي في النساء وتكررت مرتين، {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}[النساء:٤٨]، فأيهما أعظم الشرك أم القتل؟ الشرك، فاللهُ عز وجل هنا يبين أن من مات مشركاً ليس له طريق إلى المغفرة، أما من مات وله ذنوب دون الشرك فهو تحت المشيئة، فمن قتل نفساًًًًًًًًًًً، أو ارتكب فاحشة، أو شرب خمراً، أو غير ذلك فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له, ولذلك لو أن إنساناً قتل مؤمناً وحكم عليه بالقصاص وقتلوه به، فإننا نغسله ونكفنه ونصلي عليه في المسجد، وندعو له: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، ولو كان كافراً ما فعلنا به ذلك.
والمعنى نفسه موجود في قول الله عز وجل:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}[الحجرات:٩]، فهنا سماهم مؤمنين، رغم أنهم اقتتلوا، كذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لما صعد على المنبر ومعه الحسن ابن فاطمة عليهما السلام، وقال:(إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين)، وفعلاً أصلح الله به في العام الذي سمي بعام الجماعة سنة أربعين أو واحد وأربعين من الهجرة، فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الفئتين المتقاتلتين (مسلمتين) رغم أنهما تقاتلتا، فالقاتل إذاً لا تسلب عنه صفة الإيمان، حتى لو قلنا بظاهر الآية التي في سورة النساء فلا يلزم من الخلود نفي الإيمان.
اللهم اجعلنا من عتقائك في هذا الشهر المبارك من النار، اللهم اجعلنا من عتقائك في هذا الشهر المبارك من النار، اللهم اجعلنا من عتقائك في هذا الشهر المبارك من النار.
اللهم لا تفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وعمل متقبل مبرور.
اللهم اجعل هذا المجلس المبارك شاهداً لنا لا علينا، واجعله في صحائف حسناتنا يوم نلقاك، اللهم كما جمعتنا فيه نسألك أن تجمعنا في جنات النعيم وأن ترزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم، وأن تجعلنا إخواناً على سرر متقابلين.